سنة الخلاف بين الأنبياء ومناوئيهم
من هذه الحقيقة ثم ما تلاها من حقائق، يظهر أن الله تبارك وتعالى لم يدع البشرية على الإطلاق في يوم من الأيام بغير هدى وبغير نور: (( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ ))[فاطر:24]؛ لكن الناس ينحرفون، ويضلون، ويحرَّفون ما جاءت به الأنبياء, وما جاءت به الرسل، والناس بالجهل وبالانحراف وبتأثير شياطين الإنس والجن, وبتأثير الطواغيت المتجبرين المتكبرين في الأرض؛ لا يفرقون بين النبي وبين مجرد الفيلسوف أو الحكيم أو الرجل ذي الشأن، أو من يطلب الشهرة, ومن يطلب المنصب, وما أشبه ذلك. وهكذا في كل مرحلة من مراحل التاريخ نجد الصراع الشديد والخلاف القوي بين الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وبين مناوئيهم ومخالفيهم من الجبابرة؛ من الملأ المستكبرين المتسلطين في الأرض، من المشعوذين والدجالين والكهنة من السحرة، إلى أن جاء نور الإسلام وجاء محمد صلى الله عليه وسلم فجاء بالدين العجيب. الذي سبق أن أوضحنا مظهراً من مظاهر العجائب فيه؛ وهو أن المعجزة الكبرى فيه مع كثرة الآيات والبراهين الدالة عليه أن وحي من الله تبارك وتعالى.وهنا نجد أن الإسلام يرجع الأمر كله إلى المعرفة، فالوحي يُعرف وتَتجدد معرفته, ويتجدد إدراكه على مدار القرون؛ فإذاً: هذه أعلى حالة يصل إليها العقل البشري والإنسان، وهو: أن يكون إيمانه من خلال المعرفة، ومن خلال العقل, ومن خلال الدليل, ومن خلال البرهان، وإن كانت الآيات المادية والحسية موجودة في الإسلام, وهي موجودة للأنبياء السابقين صلوات الله وسلام عليهم.